استشهاده وقال سعيد بن المسيب : إن عمر لما نفر من منى أناخ بالأبطح ، ثم كوم كومة من بطحاء ، واستلقى ورفع يديه إلى السماء ، ثم قال : " اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط " فما انسلخ ذو الحجة حتى طعن فمات .
وقال أبو صالح السمان : قال كعب لعمر : أجدك في التوراة تقتل شهيدا ، قال : وأنى لي بالشهادة وأنا بجزيرة العرب ؟
وقال أسلم ، عن عمر أنه قال : اللهم ارزقني شهادة في سبيلك ، واجعل موتي في بلد رسولك . أخرجه البخاري .
وقال معدان بن أبي طلحة اليعمري : خطب عمر يوم جمعة وذكر نبي الله وأبا بكر ، ثم قال : رأيت كأن ديكا نقرني نقرة أو نقرتين ، وإني لا أراه إلا لحضور أجلي ، وإن قوما يأمروني أن أستخلف ، وإن الله لم يكن ليضيع دينه ولا خلافته ، فإن عجل بي أمر فالخلافة شورى بين هؤلاء الستة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض .
وقال الزهري : كان عمر لا يأذن لسبي قد احتلم في دخول المدينة حتى كتب المغيرة بن شعبة وهو على الكوفة يذكر له غلاما عنده صنعا ويستأذنه أن يدخل المدينة ، ويقول : إن عنده أعمالا كثيرة فيها منافع للناس : إنه حداد نقاش نجار ، فأذن له أن يرسل به ، وضرب عليه المغيرة مائة درهم في الشهر ، فجاء إلى عمر يشتكي شدة الخراج ، قال : ما خراجك بكثير ، فانصرف ساخطا يتذمر ، فلبث عمر ليالي ، ثم دعاه فقال : ألم أخبر أنك تقول : لو أشاء لصنعت رحى تطحن بالريح ؟ فالتفت إلى عمر عابسا ، وقال : لأصنعن لك رحى يتحدث الناس بها ، فلما ولى قال عمر لأصحابه : أوعدني العبد آنفا . ثم اشتمل أبو لؤلؤة على خنجر ذي رأسين نصابه في وسطه ، فكمن في زاوية من زوايا المسجد في الغلس .
وقال عمرو بن ميمون الأودي : إن أبا لؤلؤة عبد المغيرة طعن عمر بخنجر له رأسان ، وطعن معه اثنا عشر رجلا ، مات منهم ستة ، فألقى عليه رجل من أهل العراق ثوبا ، فلما اغتم فيه قتل نفسه .
وأثنى عليه ابن عباس ، فقال : لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من هول المطلع ، وقد جعلتها شورى في عثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد . وأمر صهيبا أن يصلي بالناس ، وأجل الستة ثلاثا .
وعن عمرو بن ميمون أن عمر قال : " الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام " ثم قال لابن عباس : كنت أنت وأبوك تحبان أن يكثر العلوج بالمدينة . وكان العباس أكثرهم رقيقا .
ثم قال : يا عبد الله ، انظر ما علي من الدين فحسبوه فوجوده ستة وثمانين ألفا أو نحوها ، فقال : إن وفى مال آل عمر فأده من أموالهم ، وإلا فاسأل في بني عدي ، فإن لم تف أموالهم فسل في قريش . اذهب إلى أم المؤمنين عائشة فقل : يستأذن عمر أن يدفن مع صاحبيه ، فذهب إليها فقالت : كنت أريده - تعني المكان - لنفسي ولأوثرنه اليوم على نفسي . قال : فأتى عبد الله ، فقال : قد أذنت لك ، فحمد الله .
فلما توفي خرجنا به نمشي ، فسلم عبد الله بن عمر ، وقال : عمر يستأذن ، فقالت عائشة : أدخلوه ، فأدخل فوضع هناك مع صاحبيه .
وقال المسور بن مخرمة : لما أصبح عمر بالصلاة من الغد ، وهو مطعون ، فزعوه فقالوا : الصلاة ، ففزع وقال : نعم ؛ ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة . فصلى وجرحه يثعب دما .
وعن ابن عباس قال : كان أبو لؤلؤة مجوسيا .
وقال سالم بن عبد الله ، عن أبيه ، قال : دخل على عمر عثمان ، وعلي ، والزبير ، وابن عوف ، وسعد وكان طلحة غائبا فنظر إليهم ثم قال : إني قد نظرت لكم في أمر الناس فلم أجد عند الناس شقاقا إلا أن يكون فيكم ، ثم قال : إن قومكم إنما يؤمرون أحدكم أيها الثلاثة ، فإن كنت على شيء من أمر الناس يا عثمان فلا تحملن بني أبي معيط على رقاب الناس ، وإن كنت على شيء من أمر الناس يا علي فلا تحملن بني هاشم على رقاب الناس ، قوموا فتشاوروا وأمروا أحدكم ، فقاموا يتشاورون .
وقال ابن عمر : كان رأس عمر في حجري ، فقال : ضع خدي على الأرض ، فوضعته ، فقال : ويل لي وويل أمي إن لم يرحمني ربي .
وعن أبي الحويرث ، قال : لما مات عمر ووضع ليصلى عليه أقبل علي وعثمان أيهما يصلي عليه ، فقال عبد الرحمن : إن هذا لهو الحرص على الإمارة ، لقد علمتما ما هذا إليكما ولقد أمر به غيركما ، تقدم يا صهيب فصل عليه . فصلى عليه .
وقال معدان بن أبي طلحة : أصيب عمر يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة . وكذا قال زيد بن أسلم وغير واحد .
وقال إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص : إنه دفن يوم الأحد مستهل المحرم .
وقال سعيد بن المسيب : توفي عمر وهو ابن أربع أو خمس وخمسين سنة . كذا رواه الزهري عنه .
وقال أيوب ، وعبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : مات عمر وهو ابن خمس وخمسين سنة . وكذا قال سالم بن عبد الله ، وأبو الأسود يتيم عروة ، وابن شهاب .
وروى أبو عاصم ، عن حنظلة ، عن سالم ، عن أبيه : سمعت عمر قبل أن يموت بعامين أو نحوهما يقول : أنا ابن سبع أو ثمان وخمسين . تفرد به أبو عاصم .
وقال قتادة : قتل عمر وهو ابن إحدى وستين سنة .
وقال عامر بن سعد البجلي ، عن جرير بن عبد الله أنه سمع معاوية يخطب يقول : مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين ، وأبو بكر وعمر وهما ابنا ثلاث وستين .
وقال يحيى بن سعيد : سمعت سعيد بن المسيب ، قال : قبض عمر وقد استكمل ثلاثا وستين . قد تقدم لابن المسيب قول آخر .
وأكثر ما قيل قول ابن جريج ، عن أبي الحويرث ، عن ابن عباس : قبض عمر وهو ابن ست وستين سنة ، والله أعلم .
مشاركة
|